وهذا الاحتجاج وأساليبه العجيبة التي ورد عليها منادٍ على نفسه بلسانٍ طَلْقٍ ذَلِقِ أنه ليس من كلام البشر لمن عرف وأَنصف مِن نفسه، ومَن زاد على هذا قولَه: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤] فقد أتى بكلمة حقٍّ أُريدَ بها باطل، يدندنُ بها مَن هو عن حِليَة الإنصاف عاطل).
معرِّضاً بالزمخشري القائل: وهذا الاحتجاجُ وأساليبه العجيبة التي ورد عليها منادٍ على نفسه بلسان طلقٍ ذلقٍ أنه ليس من كلام البشر لمن عَرف وأَنصف من نفسه، فتبارك الله أحسن الخالقين.
وقد تعقَّبه ابن المنير أيضًا بقوله: هذه الخاتمة كلمةُ حقٍّ أراد بها باطلاً؛ لأنَّه يُعرِّض فيها بخلق القرآن، فتَنبَّهْ لها، وما أسرعَ المُطالعَ لهذا الفصل أن يمرَّ على لسانه وقلبه ويستحسنَه وهو غافلٌ عما تحته، لولا هذا التنبيه والإيقاظ، والله أعلم.
كما شنَّع على الزمخشري في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [آل عمران: ٣٦] فقال: (وأصلُ الرجمِ: الرميُ بالحجارة، وعنِ النبيِّ ﷺ:"ما من مولودٍ يولد إلا والشيطانُ يمسُّهُ حينَ يولدُ فيستهِلُّ مِن مسِّهِ، إلا مريمَ وابنَها".
والحديثُ مذكورٌ في الصحيحينِ، ولا صارفَ عن ظاهرِهِ، فمَن تردَّدَ في صحتِهِ ثم أوَّلهُ فقد ضلَّ وأضلَّ).
وهذا تعريض بالزمخشري الذي تردَّد في صحته قائلاً:(اللهُ أعلم بصحَّته)، ثم قال في تأويله ما قال، مما هو جارٍ على طريقة أهل الاعتزال - كما قال أبو حيان - متَّهمًا أهل السنَّة بأنهم أهلُ الحشو.