للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ﴾؛ أي: أسبابُه مع الشدائد.

﴿مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾ فيحيط به جميع الجهات، ففيه إطلاق المكان على الجهة تنصيصًا على أنَّ المراد أسباب العذاب الجسماني لا أسباب (١) العذاب الرُّوحاني، وذلك لأنَّ الجهة قد تُوُسِّعَ فيها توسعًا شائعًا بخلاف المكان.

وقيل (٢): من كلِّ مكانٍ من جسده، حتى من أصول شعره وإبهام رجله.

﴿وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾؛ أي: ليس ممَّنْ فقدَ (٣) الحسَّ والشُّعور حتى لا يتألَّمُ، والتَّجوُّز عنه بالميت سائغ شائع في كلام الفصحاء، وقد حسُن هاهنا موقعه؛ لِمَا في ظاهره من الإبهام إلى أنَّ موجب ما ذكر من مجيء أسباب الموت من جميع الجهات هو أن يكون ميتًا.

ومَن حمل الميت على حقيقته فقد نزَّل الكلام عن منزلته، والمناسب لإرادة (٤) الحقيقة إيراده بصيغة المضارع، كما ورد في قوله تعالى: ﴿لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ [الأعلى: ١٣].

﴿وَمِنْ وَرَائِهِ﴾: من بين يديه ﴿عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ في كلِّ وقت يستقبله؛ أي: يتلقَّى عذابًا أغلظ ممَّا كان قبله، ففيه دفع ما يسبق (٥) إلى الوهم من أن يخفَّف عذابهم بالاعتياد، كما هو المعهود من عذاب أهل الدُّنيا.

* * *


(١) في (ك): "أسماء".
(٢) "وقيل" من (م).
(٣) في (م): "فاته" وفي (ك): "ليس له".
(٤) في (ف) و (ك): "لإيراد".
(٥) في (ف): "سبق".