للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ زوال الجبال مَثَلٌ لتعاظم مكرهم وشدَّته؛ أي: وإن كان مكرُهم لشدَّته وعظمه مسوًّى معدًّا لزوال الجبال منه، كانوا إذا عظَّموا الشَّيء وصفوه بمثله، قال الشَّاعر:

لَمَّا أتى خبرُ الزُّبيرِ تَضَعْضَعَتْ … سُورُ المدينةِ والجِبالُ الخُشَّعُ (١)

أي: وإن عظم مكرهم فعندَ اللهِ المكرُ الذي يبطله.

والمكرُ الأول مضاف إلى الفاعل، والثَّاني مضافٌ إلى المفعول، ويجوز أن يكون الثَّاني أيضًا مضافًا إلى الفاعل؛ أي: وعند الله مكرُهم الذي يمكرون الرُّسل به؛ يعني: مكتوب عندَه، فهو مُجازيهم عليه بمكرٍ هو أعظمُ منه، وإن كان مكرُهم ممَّا يُضرَبُ به المثل في العِظَم.

قيل: (إنْ) في ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ﴾ نافية، واللام لتأكيد النَّفي كقوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ﴾ [الأنفال: ٣٣] وقيل: مخففَّة من الثَّقيلة، والمعنى: أنهم مكروا ليزيلوا ما هو كالجبال الرَّاسية ثباتًا وتمكُّنا من آيات الله وشرائعه.

وقرئ بالفتح والرفع على أنَّها الفارقة (٢)، ومعناه تعظيم مكرهم.

وقرئ بالفتح والنَّصب على لغة مَنْ يفتح لام (كي) (٣).

وقرئ: (وإن كاد مكرهم) (٤).


(١) البيت لجرير كما في "ديوانه" (٢/ ٩١٣).
(٢) أي: ﴿لِتَزُولَ﴾ بفتح اللام ورفع الفعل، وهي قراءة الكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ١٣٥).
(٣) انظر: "البحر" (١٣/ ٢١٢).
(٤) نسبت لعلي وابن مسعود وابن عباس . انظر"المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٦٩).