للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جملةً اسمية لأن سرابيل القطران الجامعةَ بين الأنواع الأربعة المذكورةِ أفظع من الصَّفد، وأما (تغشى) فلتجريد الاستحضار المقصود في قوله: ﴿وَتَرَى﴾؛ لأنَّ الثَّاني أهول، والأوَّل في بيان حالهم في الموقف إلى أن يُكَبَّ بهم في النَّار، والأخيرَيْن (١) لبيان حالهم بعد دخولها، وكانَّ الأوَّل حرَّك من السامع أن يقول: وإذا كان شأنهم وهم في الموقف، فكيف بهم وهم في جهنَّم خالدون؟ فأجيب بقوله: ﴿سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ﴾.

وأوثر الفعل المضارع في قوله:

﴿وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ لاستحضار الحال، وتجدُّد (٢) الغشيان حالًا فحالًا، وإنَّما تغشاها لأنهم لم يتوجَّهوا بها إلى الحقِّ، ولم يستعملوا مشاعرهم التي خلقت فيها في تدبُّر الحقِّ، كما تطَّلع على أفئدتهم لأنها خالية عن المعرفة مملوءة بالجهالات.

* * *

(٥١) - ﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.

﴿لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ﴾ إمِّا أنْ يتعلَّق بمحذوفٍ تقديره: يُفعل ذلك بهم ليجزي كلَّ نفسٍ مجرمة ﴿مَا كَسَبَتْ﴾، أو بقوله: ﴿وَبَرَزُوا﴾، أي: ليجزي كلَّ نفسٍ مجرمةٍ أو مطيعةٍ ما كسبت.

واكتُفي بذكر عقاب المجرمين ليُستدلَّ به على ثواب المطيعين.

﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ لأنّه لا يشغله فيه تأمُّل وتتبُّع، ولا يمنعه حسابٌ


(١) في (ف): "والآخرين".
(٢) في (ف): "وتجديد".