للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾؛ أي: ما عليك إلَّا الدَّعوةُ بهذه الطُّرق، وأمَّا الهدايةُ والمجازاة فليسا إليك؛ فإنَّ الله أعلم بهم، فمَن هديتُه كفاه القدْرُ اليسير من الحكمة إن كان مستعدًّا لها، والموعظة إن كان قائلًا غير منكِرٍ، والجدل الحسن الرَّقيق (١) إن (٢) كان منكرًا منصفًا (٣)، فلا حيلة في هدايته إن (٤) كان معاندًا، فكِلْ أمرَه إلى مَن هو أعلم به فإنَّه يجازيه.

وإنَّما قدَّم الضَّالَّ؛ لأنَّ الكلامَ واردٌ فيهم، والخطابَ دائرٌ معهم، وذكرَ مقابله بصيغة الفاعل؛ لأنَّ الدَّوام والثَّبات يناسب حاله.

* * *

(١٢٦) - ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾.

﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ لَمَّا أمره بالدَّعوة، وبَيَّن له طرقها، أشار إليه وإلى مَن تابعه بمراعاة الحقِّ مع الخلق، وملازمةِ طريق العدالة مع مَن يناصبهم؛ لأنَّ الدَّعوة لا تخلو عن المناداة (٥) والمناصبة، من حيث إنها ترفع العادات وتبعث على رفض (٦) المألوفات، وتقدح (٧) في الأديان والمعتقدات، وتحكم على أهلها بالكفر والضَّلال.


(١) في (ك) و (م): "الدقيق".
(٢) في (ف) و (ك): "وإن".
(٣) "منصفًا" من (م).
(٤) في (ف) و (م): "وإن".
(٥) في (ف): "المنادات"، ولعل الصواب: "المعاداة".
(٦) في (م): "رفع" وسقطت من باقي النسخ، والصواب المثبت. انظر: "تفسير البيضاوي" (٣/ ٢٤٥).
(٧) كلمة غير واضحة في (ك) و (م)، والمثبت من (ف) وهو الصواب. انظر المصدر السابق.