للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والتَّنكير لتقليل مدَّة الإسراء، فإنَّه كما يدلُّ على البعضية في الأفراد كذلك يدلُّ على البعضية في الأجزاء، دلَّ على ذلك قول الشَّيخ عبد القاهر في "دلائل الإعجاز": إن التَّنكير في ﴿حَيَاةٌ﴾ في قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩] للدِّلالة على أنَّ تلك الحياة بعض حياة المهموم بقتله (١).

والثَّاني (٢) هو المراد، يشهد لذلك قراءة: (مِنَ اللَّيلِ) (٣)، أي: بعضه.

وهذا الإسراء كان جسمانيًّا، ولذلك كذَّبَتْ قريش به، وفي عبارة العبد إشارةٌ إلى ذلك.

﴿مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ بعينه، أو من الحَرَم؛ فإنَّه مسجدٌ كلُّه.

﴿إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾: بيتِ المقدس، سُمِّي أقصى لأنَّه لم يكن وقتئذ مسجد وراءَه.

﴿الَّذِي بَارَكْنَا﴾ البركةُ: دُرور الخير وثبوتُه، وهي دينيَّة ودنيويَّة (٤)، وكلاهما مُرادٌ هاهنا؛ لأنَّه مَهبط الوحي ومعبدُ الأنبياء (٥)، ومحفوف بالأنهار والأشجار.

والالتفات من الغيبة إلى التَّكلُّم لتعظيم تلك البركات والآيات.


(١) انظر: "دلائل الإعجاز" (ص: ٢٨٩).
(٢) أي: دلالة التنكير على البعضية في الأجزاء.
(٣) تنسب لعبد الله بن مسعود وحذيفة . رواها عن حذيفةَ الطبريُّ في "تفسيره" (١٤/ ٤١٣)، وقال: وكذا قرأ عبد الله.
(٤) في (م): "ودنياوية".
(٥) في هامش (ف) و (م): "قال القاضي: من لدن موسى . وفيه نظر. منه ".