للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تتَّصف هذه الكلمة بقصد قلبي (١) لوضوح بطلانها، فكأنَّه قيل: تخرج بنفسها بلا إخراج منهم، ففيه تأييد لقوله: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾.

﴿إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾: إلَّا قولًا كذبًا.

* * *

(٦) - ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾.

﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾ (لعلَّ) للتَّرجي في المحبوب والإشفاق في المحذور.

والبخع والبخوع: الإهلاك من شدَّة الوَجد.

﴿عَلَى آثَارِهِمْ﴾ عبَر عن إدبارهم وتباعُدهم عن التَّصديق بالقرآن على وجهٍ فصيحٍ، شبَّهه وإياهم حين تولَّوا عنه ولم يؤمنوا به، وما تداخله من الوَجْد والأسف على تولِّيهم، بمَن فارقَه أحبَّتُه، فهو يتساقط حسراتٍ على آثارهم، وَيبخَع على نفسه وجدًا عليهم، فالاستعارة تمثيليَّة.

وقرئ على الإضافة (٢)، وهو للاستقبال إن قرئ: ﴿إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ بالكسر، وللمضي إن قرئ بالفتح (٣)، بمعنى: لأنْ لا يؤمنوا، فلا يجوز إعمال ﴿بَاخِعٌ﴾ إلَّا إذا جعل حكاية حال (٤) ماضية لتصوير تلك الحالة في ذهن السَّامع واستحضارها.


(١) في (ف): "يغضد قلبي"، وفي (م): "بقصد قلب".
(٢) أي: (باخعُ نفسِك)، ذكرها ابن الجوزي في "زاد المسير" (٥/ ١٠٤) عن سعيد بن جبير وأبي الجوزاء وقتادة. وهي في "الكشاف" (٢/ ٧٠٤) دون نسبة، والكلام منه.
(٣) ذكرها ابن خالويه في "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٧٨)، والكسر قراءة الجمهور.
(٤) في (ف): "جعل حالًا"، وفي (ك) و (م): "جعل حالها"، والمثبت من هامش (م).