للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالفتح، وفيما (١) سبق [﴿بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾] بالضَّم، وهي قراءة حمزة والكسائي (٢).

والعجب أنَّ الكسائي ينكر الفرق بينهما معنى، فحقُّه أن لا يخصِّص أحدهما بموضع والآخر بموضع آخر، وأبو عمرو يعترف بالفرق وموجَبُه التَّخصيص المذكور، فكلٌّ منهما أخذَ ما هو حقُّ صاحبه.

* * *

(٩٥) - ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾.

﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي﴾: ما جعلني فيه مكينًا من كثرة المال والملك ﴿خَيْر﴾ مما يبذلون لي من الخَرَاج، فلا حاجة.

وقرئ: ﴿مَكَّنَنِي﴾ على الأصل (٣).

﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ أراد معاونتهم بعمل اليد وبقوَّة البدن (٤)، والتَّخصيصُ بقوَّة العمل من ضعف الفِطْنة، فكأنه قال: رفعتُ عنكم مؤنةَ المعونة بالمال، فأعينوني بخدمةٍ بلا أجر، وهذا من تأييد الله تعالى، حيث آثر ما هو أيسرُ في حقِّهم، وأنفعُ في حقِّه، وأسرع في قضاء الحاجة.

﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ الرَّدمُ: السَّدُّ المتراكِبُ، من قولهم: ثوب مُردَّم: إذا كان رقاعًا فوق رقاع.

* * *


(١) في (ف): "فيما".
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" (١٣/ ٣٨٤)، وما بين معكوفتين منه، وتقدمت القراءة في مكانها.
(٣) وهي قراءة ابن كثير. انظر: "التيسير" (ص: ١٤٦).
(٤) في (ك): "بقوة البدن "، وفي (ف): "بقوة اليدين".