للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٨) - ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾.

﴿قَالَ﴾ زكريا: ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ﴾ استفهامٌ تعجُّبي يدلُّ على التصديق بوقوع المخبَر به والاعترافِ بكمال قدرته عليه؛ لأن التعجُّب إنما ينشأ من استغرابٍ مقارنٍ للتصديق به؛ لتضمُّن الاستخبار أنه يُولَد له على هذه الحالة أو بعد الإحالة.

فاندفع ما قيل: لِمَ استَبعد واستَعجب؟ وأجيب: بأنه ليجاب (١) بما أجيبَ به، فيزدادَ المؤمنون إيقانًا ويرتدع المبطلون.

وليتَ شِعري مَن المراد من الموقنين والمبطلين وقد كان دعاؤه مخفيًّا عن الغير؟!

ثم إنه فَهِمَ من البشارة المذكورة أنَّه يرى بلوغ يحيى أوانَ الحلم، فازداد به التعجُّب، ولهذا قال: ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ﴾ دون: أنى يكون لي ولد، وأنَّه يُولد من امرأته التي طلب الولد منها، ولهذا قال:

﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ (٢) هو اليُبسُ والجَساوةُ في المفاصل والعظام - كالعود اليابس - من أجل الكِبَر والطَّعْن في السِّنِّ العالية.

* * *


(١) "ليجاب" من (س) وحدها، وهو الموافق لما في "الكشاف" (٢/ ٦)، وهو السائل والمجيب.
(٢) في (م): "أنى يكون لي غلام وقد بلغت من الكبر عتيًا".