للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَيرِدُ عليه: أن المحالَ قد يستلزم المحالَ، فيجوز أن ينطلب على تقدير تحقُّق الطلب المحال، فبالتعليل المذكور لا يتمُّ التقريب.

وفائدة تخصيص الرحمن بالذِّكر وتكريره مرَّة بعد أخرى: أنه اسم مختصٌّ بالواجب بالذات باعتبار إفاضته الوجود وأصول النَّعَم على الكُلِّ، كما قيل: فلينكشف عن بصرك غطاؤه، فأنت وجميع ما عندك عطاؤنا، فكلُّ ما عداه نعمة أو مُنعَم عليه، فلا يُجانس مَن هو مُبدئ النِّعَم، والولد يجب أن يجانس الوالد، فلا يمكن له ولد، فمَن نَسب إليه الولد فقد شبهه بخلقه وأخرجه عن استحقاق اسمِ الرحمن، ولهذا اقتصر على المفعول الثاني على تفسير ﴿دَعَوْا﴾ بمعنى: سَمَّوا، للدلالة على العموم والإحاطة بكلِّ ما جعل ولدًا؛ لاستحالة مناسبة شيء مّا من خلقه له.

* * *

(٩٣) - ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾.

﴿إِنْ كُلُّ مَنْ﴾ ﴿مَنْ﴾ نكرة موصوفة، صفتُها ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.

وخبر ﴿كُلُّ﴾: ﴿إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ ووحَّد ﴿آتِي﴾، ﴿آتِيهِ﴾ حملًا على لفظ (كلّ) وهو اسم فاعل من أتى، وهو مستقبَلٌ أي (١): يأتيه ويلتجئ إليه.

و ﴿عَبْدًا﴾ حال؛ أي: خاضعًا ذليلًا منقادًا.

والمعنى: ما كلُّ مَن في العالم من الثَّقَلين والمَلَك إلَّا وهو يأتي الله تعالى يوم القيامة مُقرًّا بالعبودية، وهي والبنوَّة متنافيان، حتى لو مَلَكَ الأبُ ابنَه يَعتِق عليه، وهذا تصريحٌ (٢) لِمَا عُلم ممَّا تقدَّم التزامًا.


(١) في (ف) و (ك): "مستقبل أتى".
(٢) في (م): "التصريح".