للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿الْعُلَى﴾: جمع العُلْيا، تأنيث الأعلى.

فخَّم شأنَ المُنْزَل: أوَّلًا بإسناد الإنزال إلى الواحد المتعالي، ثمَّ بتنكير ﴿تَنْزِيلًا﴾ للتَّعظيم والإبهام والتَّوضيح، حيث لم يوصَفْ (١)، ثمَّ بالالتفات من التكَلُّم إلى الغيبة لاتِّعاظ السَّامع والتَّنبيهِ على عظم شأنه بتفنُّن الكلام، ثمَّ بإجراء الصِّفات العظام العجيبة على منزِّله، وإيراد الموصول ذريعة إلى ذلك، ثم بوصف السَّماوات بالعُلَى للدِّلالة على علوِّ قَدْر خالقها، ثمَّ بإجراء صفات العَظَمة والتَّمجيد، فأكَّد الفخامة بوجوهٍ كثيرةٍ وطرقٍ مختلفةٍ، ورتَّب صفاته ترتيبًا أنيقًا، فبدأ أوَّلًا بإيجاده لأصول العالم، وقَدَّم الأرض لأنها أقربُ إلى الحسِّ، وأظهرُ نفعًا واحتياجًا إليها.

ثمَّ أشار إلى وجهِ إحداث الكائنات وتدبير أمرها، بذكر استوائه على العرش، وإجراء الأحكام وإنزال الأسباب منه، على التَّرتيب الذي اقتضتْهُ حكمتُه، وتعلَّقَتْ به مشيئتُه، فقال:

(٥) - ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾.

﴿الرَّحْمَنُ﴾ رفع على المدح؛ أي: هو الرَّحمن، أو بدل من فاعل ﴿خَلَقَ﴾.

﴿عَلَى الْعَرْشِ﴾ خبر مبتدأ محذوف، وعلى الأوَّل يجوز أن يكون خبرًا بعدَ خبر.

﴿اسْتَوَى﴾ كنايةٌ عن الملك؛ لأنَّ العرشَ سريرُ الملِك، ومكانُ التَّمكُّن من ملكه، فأجريَتْ هذه العبارة مُجرى مَلَك، واستعمل (٢) في موضعه، واشتَهَر


(١) في (ف) و (ك) و (س): "يصف".
(٢) في (م): "واستعملته".