للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾؛ أي: ما أسرَرْتَه إلى غيرك، وما هو أخفى منه؛ أي: ما أَخْطَرْتَه ببالك وأضمرتَه في نفسك.

أو السِّر: ما أضمرته في نفسك، وما هو أخفى منه: ما لم يخطر ببالك من الغيب المستأثَر.

هذا ما قالوا، والذي (١) عندي: أنَّ علمَه (٢) السَرَّ وأخفى كناية عن استغنائه عن الجهر بالقول، فلا (٣) حذف ولا إقامة، فهو تعليمٌ للعباد أنَّ الجهر لهضم النَّفس بالتَّضرُّع والجؤار، واستبعادِها عن مظانِّ القُرْبِ باستحقارها، لا لإعلام الله بذلك وإسماعه؛ أو نهيُ (٤) تنزيهٍ عمَّا يُؤذِنُ بالرِّياء.

ثمَّ لَمَّا عدَّد الصِّفات الكمالية، ووصفَه بما لا يمكن أنْ يُوصَفَ به غيره من صفات الألوهيَّة والرُّبوبيَّة، أفصحَ عن التَّوحيد، وصرَّح بأنَّه المنفرد بها المتوحِّد بمقتضياتها فقال:

(٨) - ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾.

﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾؛ أي: هو واحد بذاته وإنْ افترقَتْ عبارات صفاته، ردًّا لقولهم: إنك تدعو آلهة، حين سمعوا أسماءه تعالى.

و ﴿الْحُسْنَى﴾: تأنيث الأحسن، وفضلها على سائر الأسماء في الحُسن لدلالتها على معانٍ هي أشرف المعاني وأفضلها.

* * *


(١) "الذي" زيادة من (ك).
(٢) في (م): "علم".
(٣) في (م): "ولا".
(٤) في (ف): "أي نهي"، وفي (م): "ونهي".