للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: (يُفْرَطَ)، من أفْرَطه: إذا حمله على العَجَلَةِ، و (يُفْرِطَ) من الإفراط (١)؛ أي: نخاف أن يعجل علينا بما يحول بيننا وبين إتمام الدَّعوة وإظهار المعجزة، أو أن يحمله حامل من استكباره وجبروته أو خوفه على الملك، أو شيطان جنَي أو إنسيٌّ من قومه القِبط المتمرِّدين، على المعاجلة بما ذكر، أو أن يفرط فيه.

وإنَّما قلنا: (بما يحول)، ولم نقل: (بالعقوبة) كما قيل؛ لأنَّه مردود بقوله: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا﴾ [القصص: ٣٥]، فإنَّه مذكور قبل قولهما (٢) هذا، بدلالة قوله: ﴿سَنَشُدُّ﴾، وقد دلَّ على أنهما محفوظان من عقوبته.

﴿أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾ أي: يتجاوزَ الحدَّ بالتَّخطِّي إلى أن يقول فيك ما لا ينبغي؛ لعتوِّه وجراءته عليك وقساوة قلبه، وفي إطلاق الطُّغيان مع تقييد قسيمه بقوله: ﴿عَلَيْنَا﴾ بطريق الرَّمز من حُسن الأدب والتَّحاشي عن التَّفوُّه بالعظيمة ما لا يخفى، وإنَّما أخَّره لأنَّ مَن أُمرَ بشيء فحاول دفعَه لأعذار فلا بُدَّ وأن يختم كلامه بما هو الأقوى.

* * *

(٤٦) - ﴿قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾.

﴿قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ المعيَّة هنا (٣) بالنُّصرة والمعونة.


(١) انظر القراءتين في: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٨٧)، ونسب الأولى ليحيى وأبو نوفل وابن مسعود، والثانية لابن محيصن.
(٢) في (م): "قوله".
(٣) في (ك) و (م): "هاهنا".