للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٠٥) - ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا﴾.

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ﴾؛ أي: عن مآل أمرِها، وقد سأل عنه رجلٌ من ثقيف بعد النُّزول (١).

﴿فَقُلْ﴾ ذكر هنا الفاء في الجواب، ولم يذكر في سائر السُّؤالات: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ [البقرة: ٢٢٢]، ﴿عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ [البقرة: ٢٢٠]، و ﴿عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ [البقرة: ٢١٩]، و ﴿عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا﴾ [الأعراف: ١٨٧]، و ﴿عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ﴾ [الإسراء: ٨٥]، و ﴿عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو﴾ [الكهف: ٨٣]؛ لأنَّ الجواب فيها عن السُّؤالات الواقعة قبل النُّزول، وهنا عن سؤالٍ علمَ اللهُ تعالى وقوعَه وأخبر عنه ولم يقع بعدُ، ولذلك أجاب بالفاء الفصيحة، فكان المعنى: إذا سألوك فقل.

﴿يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا﴾ قال الخليل: يقلعها (٢).

* * *

(١٠٦) - ﴿فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا﴾.

﴿فَيَذَرُهَا﴾: فيتركها، والضَّمير للأرض للعِلْم بها، كقوله: ﴿مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا﴾ [فاطر: ٤٥]، ولو كان المعنى كما قالوا: يجعلها كالرَّمل ثم يرسل الرِّياح عليها فتفرِّقها وتذريها كما تذري الحبَّ؛ لكانَ حقُّ ﴿فَيَذَرُهَا﴾ أن يصدَّر بالواو الفصيحة.


(١) كذا ذكر، والمروي في هذا أن السؤال مان سببا للنزول لا بعد النزول. انظر: "التفسير الوسيط" للواحدي (٣٤/ ٢٢١)، و"تفسير البغوي" (٥/ ٢٩٤).
(٢) انظر: "تفسير النسفي" (٢/ ٣٨٣)، وكذا فسرها الفراء في "معاني القرآن" (٢/ ١٩١)، وغلام ثعلب في "ياقوتة الصراط" (ص: ٣٥٠) وغيرهم.