للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ﴾ هيبةً وإجلالاً، والخشوع كالخضوع من صفات النَّفس، إلَّا أنَّ مُظْهِرَ الأوَّل منهما الصَّوت، ومُظْهِرَ الثَّاني العُنُق، فيُسنَد كلٌّ منهما إلى مُظْهِره (١).

﴿فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾: صوتا خفيًّا، وقيل: هو مِن هَمْسِ الإبل، وهو صوت أخفافها إذا مشت؛ أي: لا تسمع إلَّا خفق الأقدام ونقلها إلى المحشر.

* * *

(١٠٩) - ﴿يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾.

﴿يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾ ﴿مَنْ﴾ مرفوع المحلِّ بدل من ﴿الشَّفَاعَةُ﴾، على تقدير حذف المضاف؛ أي: لا تنفع الشَّفاعة إلَّا شفاعةُ مَن أذِنَ له الرَّحمن. و ﴿تَنْفَعُ﴾ على هذا من جملة الأفعال التي جُعِلَ مفاعيلها نسياً منسيًّا، وأجريت مجرى الفعل اللَّازم للمبالغة في التَّعميم، كقولهم: فلان يعطي ويمنع.

أو منصوب المحلِّ على المفعوليَّة، والاستثناء مفرَّغ ومعنى ﴿أَذِنَ لَهُ﴾ على هذا: أذِنَ لأجله؛ أي: أذن للشَّافع (٢)، و ﴿أَذِنَ﴾ يحتمل أن يكون من الإِذْنِ، ومن الأَذَنِ بفتح الهمزة (٣).

﴿وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾؛ أي: ورضي لمكانه عند الله في الشَّفاعة، أو رضي لأجله قولَ الشَّافع في شأنه، أو قوله لأجله وفي شأنه (٤).


(١) في هامش (س): "يأتي وجه ذلك الإسناد في تفسير قوله تعالى: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: ٤] ".
(٢) في (ك): "للشافعين".
(٣) وفتح الدال بمعنى الاستماع، والمراد به القبول كما في: سمع الله لمن حمده، واللام تعليلية؛ أي: إلا من استمع الرحمن لأجله كلام الشافعين. انظر: "حاشية الشهاب" (٦/ ٢٢٧).
(٤) انظر: "تفسير البيضاوي" (٤/ ٣٩). وجاء في هامش (ف) و (س): "هذا ما ذكره الكواشي بقوله: =