للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ قد سبقَ القولُ فيه.

﴿أَبَى﴾ جملة مستأنفة على تقدير سؤالِ سائلٍ، كأنَّه قيل: لِمَ لَمْ يسجدْ؟ فقيل: أبى؛ أي: أظهر الإباءَ وتثبَّط، ويرشدك إلى هذا ما في سورة (ص) من قوله: ﴿اسْتَكْبَرُوا﴾ [ص: ٧٤] بدل ﴿أَبَى﴾.

* * *

(١١٧) - ﴿فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾.

﴿فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ﴾ أعادَ الجارَّ للدِّلالة على أنَّ عداوته لها أيضاً أصالةً، لا تبعاً لزوجها.

﴿فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ﴾ نهيٌ عن كونهما بحيث يؤثِّر فيهما وسوسة الشَّيطان ويتسبَّب لإخراجهما، فهو مبالغة في النَّهي عن قَبولها، مع الإشعار بعلَّة النَّهي.

﴿فَتَشْقَى﴾ أفرده بإسناد الشَّقاء إليه بعد إشراكهما (١) في الخروج اكتفاءً لاستلزام شقائه شقاءَها؛ لأنَّه القيِّم عليها، والمحافظ لها، مع الإيجاز والمراعاة مع الفاصلة.

ويجوز أن يكون المراد بالشَّقاء: التَّعبُ في طلب المعاش، وذلك وظيفةُ الرَّجل وحدَه، ويعضده قوله:

(١١٨ - ١١٩) - ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى﴾.

﴿إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وَإنَّكَ لا تظمأ فيها ولا تضحى﴾ فإنَّه بيانٌ وتذكيرٌ لِمَا له في الجنَّة من أسباب الكفاية وأقطاب الكَفَاف التي هي الشِّبَع والرَّي والكِسْوة والكِنُّ، مستغنياً عن اكتسابها والسَّعي في تحصيل


(١) في (س) و (ف) و (ك): "اشتراكهما".