للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذلك أنَّ المُعْرِضَ عن ذِكْرِهِ حريصٌ على الدُّنيا متهالكٌ عليها، لا يزال همُّه مصروفاً إلى الازدياد منها يجمع ويمنع، وعلى (١) ما في أيدي النَّاس فيطمع، ويغلب عليه الشُّحُّ فيضيق عيشه، بخلاف الذَّاكر المتوجِّه إليه، التَّابع للهدى، المتوكِّل عليه في أمره، فإنَّه يعلم أنَّ رزقَه على الله، فيسمح بما في يده وينفق، فيعيش عيشاً رافعاً (٢)، كما قال الله تعالى: ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: ٩٧]، على أنه تعالى قد يضيِّق بشؤم الكفر ويوسِّع ببركة الإيمان، كما قال: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٦١]، وقال: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأعراف: ٩٦].

﴿وَنَحْشُرُهُ﴾ وقرئ بالجزم (٣) عطفاً على محلِّ ﴿فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً﴾؛ فإنَّه جوابٌ للشَّرط.

﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ عن ابن عباس : أعمى البصر (٤)، وهو كقوله تعالى: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا﴾ [الإسراء: ٩٧]، وهو الوجه المناسب للسُّؤال.

* * *

(١٢٥) - ﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا﴾.

﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا﴾ في الدُّنيا.


(١) في (ف) و (ك) و (م): "ويطمع على" والمثبت من (س).
(٢) في (ك): "رافغاً".
(٣) نسبت لأبان بن تغلب. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٩٠).
(٤) انظر: "زاد المسير" (٢٢/ ٣٣٢)، و"تفسير النسفي" (٢/ ٣٨٨). والطبري روى تفسير العمى بعمى البصر عن مجاهد في "تفسيره" (١٦/ ٢٠١).