للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو: ولولا هذه العِدَةُ لكان الأخذ العاجل وأجلٌ مسمًّى لازمَيْن لهم، كما كانا لازِمَيْن لعادٍ وثمودَ، ولم ينفرد الأجل المسمَّى عن الأخذ العاجل.

* * *

(١٣٠) - ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾.

﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ الفاء للسَّببية، جزاءٌ لشرط مقدَّر؛ أي: إذا لم تعذِّبهم ولم تهلكهم لِمَا ذُكِرَ فاصبر.

﴿وَسَبِّحْ﴾ تقييد التَّسبيح بالأوقات المخصوصة قرينةٌ لكونه مجازاً بمعنى الصَّلاة، وإلَّا فلا وجهَ للتَّخصيص بها، وقوله:

﴿بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ حالٌ؛ أي: وصلِّ وأنتَ حامدٌ (١) لربِّك على هدايتِه وتوفيقِه.

﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ﴾؛ أي: الفجر.

﴿وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾؛ أي: الظُّهر والعصر؛ لأنَّهما في النِّصف الأخير من النَّهار.

﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ﴾: ومن ساعاته، جمع إِنِّى بالكسر والقصر، وأناءٍ بالفتح والمد.

﴿فَسَبِّحْ﴾؛ أي: المغربَ والعشاءَ وصلاةَ التَّهجد، وإنَّما قدَّمَ الزَّمان فيه لاختصاصه بمزيد الفضل (٢)؛ لأنَّ الميل فيه إلى الاستراحة أقوى، فكانت العبادة فيه على النَّفسِ أشدُّ وأشقُّ، فكانَ الثَّواب أكثر، ولأنَّ القلب فيه أجمع، والفراغَ إلى الله


(١) في (م) و (س): "وصل أنت حامداً"، والمثبت من باقي النسخ، وهو الموافق للمصدر السابق.
(٢) قوله: "وإنما قدّم الزمان فيه .. " يعني تقديمَ قوله: ﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ﴾ على قوله: ﴿فَسَبِّحْ﴾ الذي تعلق به. انظر: "حاشية الشهاب" (٦/ ٢٣٤).