للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العباد في المعاش والمعاد، وتبصرةً لأولي الألباب والأبصار، وتذكرةً لذوي الاعتبار من النُّظَّار، فليَعتبرْ بها طلَّابُ الكمال، ولا يغترُّوا بزخارفها، فإنَّها سريعةُ الزَّوال، ثمَّ بيَّنَ بقولِه:

(١٧) - ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾.

﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ﴾ أنَّ السبَّبَ في تركِ اتِّخاذ اللَّهوِ هو الحكمةُ البالغةُ، وإلَّا فالقدرة الباهرة (١) لا تنحسر عن ذلك إن أراد فعله، فإنَّه على كلِّ ما يشاء قدير، والحكمةُ وإنْ لم تكن منافيةً لاتخاذ (٢) اللَّهوِ - وهو ما يُتلهَّى به، ويندرج فيه اللَّعب - لكنَّها منافيةٌ لأنْ يَفعلَ فعلاً يكون به لاهياً.

﴿مِنْ لَدُنَّا﴾؛ أي: مِن عالَم الغيب، لا من عالَم الشَّهادة؛ لأنَّه أشنعُ وأبعدُ من شأن الحكيم.

﴿إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ ذلك، ويدل على جوابه الجوابُ المتقدِّمُ.

وقيل: ﴿إِنْ﴾ نافية، وزيادة ﴿كُنَّا﴾ لاستمرار النَّفي، لا لنفي الاستمرار؛ لأنَّه لا يناسب المقام، والجملة كالنَّتيجة للشَّرطيَّة.

* * *

(١٨) - ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾.

﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ﴾ إضراب عن اتِّخاذ اللَّهو، وتنزيهٌ لذاته من


(١) من هنا وقع سقط في (م) بمقدار صحيفتين وينتهي عند قوله: "من جملتها"، وسننبه على انتهائه في مكانه.
(٢) في النسخ: "لإيجاد"، والمثبت من "حاشية الشهاب" (٦/ ٢٤٦)، و"روح المعاني" (١٧/ ٣٩).