للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قالوا: إنَّ تحتَ السَّماء فُلكاً هو موجٌ مكفوفٌ فيه الكواكب كلُّها، ولذلك قال: ﴿يَسْبَحُونَ﴾ كما يسبح الإنسان في الماء.

وقيل: شُبِّهَتْ حركتُهما في الإسراع بسباحة السَّابح.

ويردُّه: أنَّ حقَّ التَّشبيه أن يكون المشبَّه به أقوى من المشبَّه في وجه الشَّبه، وعكسه اللَّازم على ما ذُكِرَ مردودٌ في الكلام البليغ، فكيف في المعجِزِ؟!

وإنَّما جُمِعَ جمعَ العقلاء لأَنَّهم وُصِفُوا بوصفِهم.

* * *

(٣٤) - ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾.

﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ كانوا يقولون: نتربَّص به ريب المنون، فنزلَتْ (١).

والفاء في قوله: ﴿أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾ لتعليق الشرطيَّة بما قبلَها من التَّمهيد، والهمزةُ لإنكارها بعدما تقرَّر ذلك.

* * *

(٣٥) - ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾.

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾؛ أي: كلُّ نفسِ حيوانٍ تذوقُ مرارة مفارقتها جسدها، وهو تقريرٌ لِمَا مهَّده، وبرهانٌ على ما أنكره.

﴿وَنَبْلُوكُمْ﴾: ونعاملكم معاملةَ المختبِر ﴿بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ﴾: بما يجبُ فيه الصَّبر من البلاء، وما يجب فيه الشُّكر من النِّعم، وإنَّما قدَّم الشَّرَّ لأنَّه أنسبُ بالابتلاء.


(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٦/ ٢٧٥).