تفسير قوله تعالى: ﴿فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ﴾ [البقرة: ١٩]، قال في إعرابها:(صفةٌ أُخرى في محلِّ الجرِّ، و (ظلماتٌ) مرفوعٌ بفاعلية الظَّرفِ بالاتِّفاق؛ لاعتمادهِ على الموصوف).
كذا نقل هذا الاتفاق عن الزمخشري في "الكشاف"، وتابعه البيضاوي في "تفسيره"، لكن بالبحث فيما قاله العلماء نجد أن القول بالاتفاق هنا قد يكون مقتصراً على الزمخشري ومتابعيه، بينما أجاز الكثير من العلماء المعتبَرين فيهما الابتداء والخبر، منهم مكيُّ بن أبي طالبٍ والعُكْبريُّ والقرطبيُّ وأبو حيان والآلوسيُّ. وإن كان أبو حيان قد استبعده بقوله: ولا حاجة إلى هذا؛ لأنَّه إذا دار الأمر بين أن تكون الصفة من قبيل المفرد، وبين أن تكون من قبيل الجمل، كان الأَولى جعْلَها من قبيل المفرد (١).
ومن الأمثلة أيضًا على متابعته لهما ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ﴾ [البقرة: ١٠٣] حيث نقل بالحرف قول البيضاوي: (﴿خَيْرٌ﴾ جواب (لو)، وأصله: لأُثيبوا مثوبةً من عند الله خيراً مما شَرَوا به أنفسهم، فحُذف الفعل وركِّب الباقي جملةً اسمية ليدل على ثبات المثوبة والجزمِ بخيريتها، وحُذف المفضَّل عليه إجلالاً للمفضَّل من أن ينسب إليه).
وفي تفسير ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [البقرة: ١٦٨] نقل بالحرف قول
(١) انظر: "مشكل إعراب القرآن" لمكي بن أبي طالب (١/ ٨١)، و "الإملاء" للعكبري (١/ ٣٥)، و "تفسير القرطبي" (١/ ٣٢٧)، و "البحر المحيط" (١/ ٢٤١)، و "روح المعاني" (١/ ٤٨٠).