للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ أذهبَ عقولَهم لشدَّته، وطيَّرَ تمييزَهم بِهَوْلِهِ، فجعلَهم بحيث لا يُفَرَّقُ بينَهم وبينَ مَن يَذهبُ السُّكرُ بعقله وتمييزه.

وإنَّما جمعَ فاعل الرُّؤية أوَّلاً وأفرد ثانياً لأنَّ الأُولى عُلِّقَتْ بالزَّلزلة، والزَّلزلةُ يراها النَّاس كلُّهم، والثَّانيةَ عُلِّقَتْ بكون النَّاس على حال السُّكر، فلا بُدَّ أن يُجعَلَ كلُّ واحدٍ منهم رائياً لأثر السُّكر على صاحبه.

وقرئ: (تُرى) بالضَّم ونصبِ (النَّاسَ) (١) من أُريتُكَ قائماً، أو: رأيْتُكَ قائماً (٢)، ورفعِه على إسناد (تُرَى) إليهم (٣)، [وأنثه] على تأويل الجماعة (٤).

و ﴿سُكَارَى﴾ حال، وقرئ: (سَكْرى) كعطشى (٥)؛ إجراءً للسُّكْر مجرى العِلَل.

* * *


(١) نسبت لأبي هريرة وأبي زرعة. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٩٤)، و"الكشاف" (٣/ ١٤٢). وسقطت "ترى" من (م).
(٢) في (ف): "أو رُيتك قائما"، وسقطت العبارة من (ك)، والمثبت من (س) و (م)، وهو الموافق لما في "تفسير البيضاوي" مع حاشية الشهاب (٦/ ٢٨٢). والمعنى على الرباعي (أُريتك): تظنُّ أنت الناس سُكارى، أقيم ضميرُ المخاطب مقام الفاعل، ونصب (النَّاسَ) و (سُكَارَى) على أنهما المفعولان الثاني والثالث؛ لأن أُريت مُتعدٍّ إلى ثلاثةٍ، وإن كان من الثلاثي (رأيتُك) فالمعنى: تُظنُّ الناسُ سُكارى، أقيم (الناسُ) بالرفع مقام الفاعل، ونُصبَ (سُكَارَى) على المفعولية؛ لأن رأيتُ متعدِّ إلى اثنين. وجاء في مطبوع "الكشاف" (٣/ ١٤٢): (رُؤيتُكَ)، وهي نسخة البخاريين كما قال الطيبي، وزاد: وهو مشكلٌ، فإنا ما وجدنا رأيتُ متعدياً إلى ثلاثة.
(٣) أي: (وترَى الناسُ) برفع (الناس). وهي في "المحرر الوجيز" (٤/ ١٠٦) بلا نسبة، ونسبت في "البحر المحيط" (١٥/ ٣٠٦) للزعفراني وعباس.
(٤) انظر: "الكشاف" (٣/ ١٤٢)، وما بين معكوفتين منه.
(٥) وهي قراءة حمزة والكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ١٥٧).