للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ كلامٌ فيه اختصارٌ، معناه: أنَّ اللهَ تعالى ناصرٌ رسولَه في الدُّنيا والآخرة، فمَن كانَ يظنُّ من حاسديه وأعاديه أنْ لا يفعل ذلك ويغيظه ما يفعل الله:

﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ فلْيَستفرغْ وُسْعَهُ في إزالة غيظِه إلى سماءِ بيتِه، كما يفعل مَن بلغَ به الغيظ كلَّ مَبلغٍ، ثمَّ ليختنق. سمَّى الاختناقَ قَطعاً لأنَّ المختنِقَ يقطعُ نَفَسَهُ بحبسِ مجاريه، ومنه قيل للبُهْر: القُطْع (١).

أو فليمدُدْ حبلاً إلى السَّماءِ المُظلَّة وليصعَدْ عليه، ثمَّ ليقطعِ الوَحيَ أنْ ينزلَ عليه.

﴿فَلْيَنْظُرْ﴾: ولْيتصوَّرْ في نفسه ﴿هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ﴾ هل يُذْهِبُ نصرَ اللهِ الذي يغيظه إنْ فعلَ ذلك!

وسمَّى فعلَه كيداً لأنَّه وضعَه موضعَ الكيدِ، حيثُ اجتهدَ فلم يقدِرْ إلَّا عليه، أو على سبيل الاستهزاء؛ لأنَّه لم يَكِدْ به محسودَه إنَّما كادَ به نفسَهُ.

﴿يَغِيظُ﴾ غيظَه، أو: الذي يَغيظُه من نصر الله.

* * *

(١٦) - ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ﴾.

﴿وَكَذَلِكَ﴾: مثلَ ذلك الإنزال، والإشارةُ إلى مصدر الفعل المذكور بعدَه، لا إنزالٍ آخر يُقصد تشبيهُ هذا الإنزال به (٢)، فالكافُ مُقْحَمٌ إقحاماً كاللَّازم، لا يكادون يتركونه في لغة العرب وغيرهم.


(١) "البهر" بضم الباء: العلة التي تمنع التنفس. انظر: "فتوح الغيب" (١٠/ ٤٥٤). والقُطع بضم القاف بمعناه انظر: "القاموس" (مادة: قطع).
(٢) "به" من (م) و (س).