لَمَّا ذكرَ الخشوعَ أَتْبعَه الإعراضَ عن اللَّغو ليجمعَ بينَ فعلِ ما ينبغي أنْ يُفعَلَ وتركِ ما ينبغي أنْ يُترَكَ، وهما الأصلان اللَّذان عليهما مدار التَّكليف.
وبالغَ في أوصاف المؤمنين بإيرادِ الصِّلات جملًا اسميَّة، وتقديمِ صلة الإعراض، والتَّعبيرِ بالاسم دون الفعل، وإيرادِ الإعراض مكانَ التَّرك؛ لأنَّ أصلَه أن يكون في عُرْضٍ (١) غيرِ عُرْضه ليدلَّ على التَّجنُّب والبعد عنه بالكلِّيَّة مباشرةً وتسبيبًا وميلًا وحضورًا، وكذلك قوله:
(٤) - ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾.
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾؛ أي: للتَّزكية فاعلون؛ لأنَّ الفاعل لا يفعل إلَّا الحدث الذي هو المصدر، ولهذا سُمِّيَ المفعول المطلق، ويمكن أن يُفسَّر بالعَيْن ويُقدَّر مضاف، أي: لأداء الزَّكاة.
وإنَّما لم يقلْ:(مؤدُّون) لأنَّ في زيادة فاعلون دلالةً على المداومة.