للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتعديتُه بالباء تأكيدٌ له، دالٌّ على ذهاب هو (١) معه يمنعه من الظُّهور، ليس في الإذهاب ذلك، وهو في غاية البلاغة، وزعموا أنَّه ليس في قوله: ﴿إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠] هذه المبالغة والبلاغة، وليس الأمر كما زعموا على ما تقف عليه في موضعه بإذن اللّه تعالى.

﴿فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ﴾ بالماء.

﴿جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا﴾ في الجنَّة.

﴿فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ﴾ من غير الجنسَيْن المذكورين تتفكَّهون بها.

﴿وَمِنْهَا﴾: ومن الجنَّات ثمارها وزروعها.

﴿تَأْكُلُونَ﴾ تغذيًا (٢)، أو: ترزقون وتحصِّلون معايشكم، من قولهم: فلان يأكلُ مِن حرفَتِه.

ويجوز أنْ يكون المراد: لكم في النَّخيل والأعناب أنواعٌ من الفواكه كالرُّطب والعنب والتَّمر والزَّبيب والبُسر والحصرم والدّبس والعصير وغير ذلك، ومنها طعامٌ تأكلونه.


= السياق، لكن لم أجد من نبه على هذا، ولعلنا لو جمعنا بين اللفظين لم نُبعد؛ لأن في المبالغة بالإبعاد إيعاد لهم شديد، وقد أشار لهذا الآلوسي في درج كلامه معددًا وجوه أبلغية هذه الآية على آية الملك فقال: (تضمين الإيعاد هنا إيعادَهم بالإبعاد عن رحمة الله تعالى؛ لأن ذهب به يستلزم مصاحبة الفاعل المفعولَ، وذهاب الله تعالى عنهم مع الماء بمعنى ذهاب رحمته سبحانه عنهم ولعنهم وطردهم عنها).
(١) في (ف): "وهو".
(٢) في (ف) و (ك): "تغديًا"، وفي (م): "تعديًا"، والمثبت من (ع) و (ي)، وهو الصواب. انظر: "تفسير البيضاوي" (٤/ ٨٤).