للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنْ كان مذكورًا في موضع الصِّفة فليس للتَّمييز؛ لأنَّ الباطلَ بمعزلٍ عن أنْ يكون له دليل ضعيفٌ، فضلًا عن برهانٍ، وإنَّما جيءَ بها للتَّأكيد، ولبناء الحكم بالوعيد عليه؛ تنبيهًا على أنَّ التَّديُّن بما لا دليل عليه ممنوعٌ، فضلًا عمَّا دلَّ الدَّليل على خلافِه.

أو اعتراضٌ (١) بين الشَّرط والجزاء لبيان الملازمة، كقولك: مَن أحسنَ إلى زيدٍ لا أحقَّ بالإحسان منه، فاللهُ مُثيبُهُ (٢).

قوله: ﴿فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ كنايةٌ عمَّا ذُكِرَ؛ أي: فهو مُجازٍ له بما يستحقُّه.

﴿إِنَّهُ﴾ أي: إنَّ الشَّأنَ. وقرئ بالفتح (٣)؛ أي: لأنَّه، أو على أنه خبر؛ أي: حسابُه ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾، من باب وضع الظَّاهر موضِعَ المُضْمَر؛ إذ أصله: حسابُه أنَّه لا يُفْلِحُ هو؛ لأنَّ (مَن يَدْعُ) في معنى الجمع، فمعنى حسابه أنَّه لا يفلح: حسابهم أنَّهم لا يفلحون، فغيّر تفظيعًا لشأنهم، وتفضيحًا لصورة حالهم، وإيماءً إلى عدم الفلاح لكفرهم.

وصيغة الجمع للتَّنبيه على أنَّه لا يُغني اجتماعهم (٤)، وإلَّا فالظَّاهر أنْ يُؤتَى بصيغة الإفراد؛ لأنَّ الفلاحَ منتفٍ عن جنسهم.

وزاوَجَ (٥) بين فاتحة السُّورة وخاتمتها بقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ في الفاتحة، و ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ في الخاتمة.


(١) في (ع) و (ف) و (ك) و (م): "واعتراض"، والمثبت من (ي) و"تفسير البيضاوي" (٤/ ٩٧).
(٢) في (ك): "مثبته".
(٣) نسبت لقتادة وعيسى والحسن. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٩٨).
(٤) في (ع): "لا يفضي اجتماعهم"، وفي (ف) و (ك): "لا يغني لاجتماعهم".
(٥) في (ف): "وقد جمع"، وسقط من (ك).