﴿بِأَلْسِنَتِكُمْ﴾؛ أي: أنَّ بعضَكم كان يقول لبعض: هل بَلَغك حديثُ عائشة! حتى شاعَ فيما بينهم وانتشر، فلم يبقَ بيتٌ ولا نادٍ إلا طاَرَ فيه.
﴿وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ﴾ إنَّما قيَّد بالأفواه مع أنَّ القولَ لا يكون إلا بالفم؛ لأن المراد بيان أَنَّهم يقولون كلامًا لا يساعده القلبُ بأدنى درجات العلم، فالتنكير في قوله: ﴿مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾ للتقليل.
﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا﴾ سهلًا لا تَبعةَ له، فهذه ثلاثةُ آثام مترتِّبة علِّق بها مسُّ العذاب العظيم: تلقِّي الإفك بألسنتهم، والتحدُّثُ به من غير علمٍ، واستصغارهم بذلك.
﴿وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ في الوِزْر.
ثم أخذ في توبيخهم على التكلُّم به، وكان الواجب عليهم إذ سمعوه أن لا يتفوَّهوا به فقال:
﴿وَلَوْلَا﴾: وهلَّا ﴿إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا﴾ ما ينبغي وما يصحُّ لنا ﴿أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا﴾ قد تقدَّم فائدةُ تقديم الظرف، ووجه الفَصْل به بين (لولا) و ﴿قُلْتُمْ﴾.
﴿سُبْحَانَكَ﴾ للتعجُّب من عِظَم الأمر، ومعنى التعجُّب في كلمة التسبيح: أنَّ الأصل أنَّ يُسبَّح اللّهُ عند رؤية العَجَب من صنائعه (١)، ثم كثُر حتى استُعمل في كلِّ مُتعجَّب منه، أو لتنزيه اللّه تعالى من أن تكون حرمةُ نبيِّه ﵇ فاجرةً، فإن فجورها ينفِّر عنه ويخلُّ بمقصود الزواج، بخلاف كفرها، فيكون تقريرًا لِمَا تقدَّم وتمهيدًا لِمَا تأخَّر.