للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؛ أي: لهنَّ، وفي مصحف ابنِ مسعود كذلك (١).

وإنما قال: ﴿مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ﴾ لشدَّة المعاتبة على المُكرِه؛ فإن المُكرَهة مع قيام العذر إذا كانت بصدد المعاتبة حتى احتاجت إلى المغفرة، فما حال المُكرِه؟! وللدلالة على أنَّ حدَّ الإكراه الشرعيِّ والمصابرةِ إلى أن يُنتَهى إليه فيرتكبَ ضَيِّقٌ (٢)، واللّه يغفرُ ذلك بلطفه.

* * *

(٣٤) - ﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾.

﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ﴾ المراد: الآياتُ التي بُنيِّت في هذه السورة وأُوضحت في معاني الأحكام والحدود، وجاز أن يكون الأصل: مبيَّنًا فيها، فاتُّسع في الظرف، وقرئ بالكسر (٣)؛ أي: بيَّنت من الأحكام والحدود، وجُعل الفعل لها مَجازًا، أو من بَيَّن بمعنى: تبيَّن، ومنه المَثَل: قد بَيَّن الصُّبحُ لذي عينين (٤).

﴿وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ أي: ومَثَلًا من أمثالِ مَن قبلكم؛ أي: وقصَّةً عجيبةً مثلَ قصصهم، وهي قصَّة عائشة فإنَّها كقصَّة (٥) يوسفَ ومريمَ .

﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾؛ أي: هم المنتفعون بها وإن كانت الموعظة للكلِّ.


(١) أي: (من بعد إكراههنَّ لهنَّ غفور رحيم)، والقراءة رواها عبد بن حميد في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (٥/ ٤٧).
(٢) في (م): "فسق".
(٣) قرأ بالكسر ابن كثير ونافع وأبو عمرو وشعبة. انظر: "التيسير" (ص: ١٦٢).
(٤) انظر: "جمهرة الأمثال" (٢/ ١٢٦)، و"المستقصى في الأمثال" (٢/ ١٩٠).
(٥) في (م): "قصة".