للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ﴾؛ أي: الكاملون في الإيمان ﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ مِن صميم قلوبهم.

﴿وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ﴾ كالجمعة والأعياد والحروب والمشاورةِ في الأمور، ووُصِف الأمرُ بالجمع على سبيل المجاز للمبالغة.

﴿لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ أي: وَيأذنَ لهم، ولمَّا أراد أن يُريَهم عِظَم الجناية في الذهاب عن مجلسه إذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ، جعل تركَ الذهابِ بلا إذنٍ ثالثَ الإيمان (١) بالله تعالى، والإيمانِ برسوله ، وجعلهما كالتمهيد لذكره، ثم عقَّبه بما يزيده توكيدًا وتشديدًا حيث أعاده على أسلوبٍ آخر أبلغ فقال:

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وضمَّنه شيئًا آخر، وهو أنه جعل الاستئذان كالمصداق لصحَّة الإيمانين، وعرَّض بحال المنافقين وتسلُّلهم لواذًا.

﴿فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ﴾ في الانصراف ﴿لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ﴾ ما يَعرِض لهم من الهامِّ (٢)، وفيه أيضًا مبالغة وتضييق للأمر.

﴿فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ﴾ فيه رفعُ شأنه بتفويض الأمر إلى رأيه، ففيه دلالةٌ على أن بعض الأحكام مفوَّض إلى رأيه.

وتقييدُ المشيئة بأن تكون تابعةً لعلمهِ بصدقهِ حتى يكون المعنى: فَأْذَن لمن عَلمت أن له عذرًا = تعسُّف ظاهر.


(١) "الإيمان": مكررة في (ف).
(٢) في (ف): "من الإلهام"، وفي (م): "من المهام".