للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما قلنا: يعم كلَّ معبودٍ، إذ لا قرينة للتخصيص لا بالأصنام، وذلك ظاهر، ولا بالملائكة والأنبياء؛ لأن كلَّ شيء يَنطِق يومئذٍ، فلا يكون السؤال والجواب قرينةً.

﴿فَيَقُولُ﴾ للمعبودين: ﴿أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي﴾ الإضافة لتعظيم جريمة الإضلال، لا لتشريفهم؛ لأنهم مشركون (١).

﴿هَؤُلَاءِ﴾ بدلٌ من ﴿عِبَادِي﴾، ﴿أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ لإخلالهم بالنظر الصحيح وإعراضهم عن المُرشِد النَّصيح، والاستفهام للتقريع والتبكيت للعَبَدة، فلذلك قدِّم الضمير على الفعل إيلاءَ حرفِ (٢) الاستفهام للمقصود بالسؤال، وهو الفاعل لا الفعل (٣)، وإنَّما حذف صلة (ضلَّ) للمبالغة.

* * *

(١٨) ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾.

﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾ تعجُّبًا ممَّا قيل لهم؛ لأنَّهم إمَّا ملائكة، أو أنبياءُ معصومون، أو جماداتٌ لا تَقدِر على شيء، أو قصدوا به تنزيهَه تعالى عن الأنداد.

﴿مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا﴾؛ أي: ما كان يصحُّ لنا ولا يَستقيم ﴿أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ


(١) في (م): "لأنهم هم المشركون".
(٢) في (ك) و (م): "طرف"، وفي باقي النسخ: "ظرف"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" (٤/ ١٢٠)، وفيه: (ليلي حرفَ الاستفهام المقصودُ بالسؤال وهو المتولي للفعل).
(٣) في هامش (ع) و (ف) و (م): "فإن تقديم الفعل يفسد المعنى، ومن غفل عن هذا علَّله بقوله: لأنَّه محقَّق لا شبهة فيه، ولم يدرِ أن فيه الإشعار بأن في الفاعل الشبهة، ولا يخفى فساده. منه".