﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾: على التبليغ الذي دلَّ عليه ﴿إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾.
﴿مِنْ أَجْرٍ﴾: جُعْلٍ ﴿إِلَّا مَنْ شَاءَ﴾: إلَّا فعلَ مَن شاء ﴿أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾: أن يتقرَّب إليه ويَطلُب الزُّلفى عنده بالإيمان والطاعة، فصوَّر ذلك بصورة الأجر من حيث إنَّه مقصودٌ فِعْلُه، واستثناه منه قلعاً لشُبهة الطمع، وإظهاراً لغاية الشفقة، حيث اعتدَّ بإنفاعك نفسَك بالتعرُّض للثواب والتخلُّص عن العقاب أجراً وافياً مرضيًّا به، مقصوراً عليه، وإشعاراً بأنَّ طاعتهم تعود عليه بالثواب من حيث إنها بدلالته (١).
﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾: اتَّخذْ مَن لا يموت وكيلاً، لا يَكِلْك إلى مَن يموت ذليلاً، يعني: ثِقْ به وأَسْنِد أمرَك إليه في استكفاءِ شرورهم والإغناءِ عن أجورهم، فإنه الحقيقُ بأن يُعتمَد عليه في كلِّ أمرٍ.
(١) قوله: "اعتدّ" الضمير للنبي ﷺ، وضمير "إنفاعك" لغير معيَّن، والمراد: كل مؤمن مبلَّغ، والإنفاع لم يوجد في اللغة، وإنما فيها النفع، ولذلك غلط البيضاوي في استعماله، و "بالتعرض" متعلق به، فهو كقول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال: ما أطلب منك ثوابًا على ما سعيت إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه. وقوله: "أجرًا" منصوب بـ "اعتد" لتضمنه معنى الجعل، وكونه وافيا أي: تامّا مرضياً لحصره فيه لعدم الاعتداد بغيره. وقوله: "به" متعلق بـ "مرضيا" لتضمنه معنى قانعًا، أو الباء زائدة وضمير عليه للأجر أو للرسول ﷺ، وكون طاعتهم تعود عليه من جعلها أجرا له. انظر: "حاشية الشهاب" (٦/ ٤٣٢).