﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ﴾: دعوى جُرْمٍ، وهو قتلُ القِبْطيِّ.
﴿فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ كان عندَه ﵇ خوفان: خوفُ تلفِ النَّفسِ، وخوفُ فواتِ مصلحة الرِّسالة، وإنَّما قدَّم الثَّاني على الأوَّل تقديماً لمصلحة الرِّسالة على مصلحة نفسه كما هو اللَّائق بشأن أولي العزم مِن الأنبياء ﵈.
﴿قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا﴾ إجابةٌ له إلى الطَّلِبتَيْن بوعدِه للدَّفع اللَّازم ردعه (١) عن الخوف، وضمِّ أخيه إليه في الإرسال.
والفاء فصيحةٌ دلَّتْ على محذوفٍ تقديرُه ظاهرٌ مِن التَّفصيل في موضعٍ آخر، حيث قال: ﴿وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبَا﴾ الآية [الفرقان: ٣٥ - ٣٦]، فالخطاب في ﴿فَاذْهَبَا﴾ على تغليب الحاضر؛ لأنَّه عطف على الفعل الذي دلَّ عليه ﴿كَلَّا﴾، كأنَّه قيل: ارتدعْ يا موسى عمَّا تظنُّ، فاذهَبْ أنت والذي طَلَبْتَه، وهو هارون.
﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾ يعني: موسى وهارون ﵉ وفرعون.
﴿مُسْتَمِعُونَ﴾ الاستماعُ من السَّمع بمنزلة النَّظر من الرُّؤية، والكلام من قَبيل التَّمثيل، والمراد: إنَّا لكما ولعدوِّكما كالنَّاصر الظَّهير لكما عليه إذا حضر واستمع
(١) في (ع) و (ي): "وردعه"، وفي (ف): "دعه". والمثبت من (ك) و (م)، وهو الموافق لكلام البيضاوي، وقال الشهاب في شرحه: "ردعه" مفعول "اللازم"، ويجوز أن يكون فاعله؛ أي: اللازم له ردعه. وقوله: "للدفع"؛ أي: لدفع بلائهم. انظر: "حاشية الشهاب" (٧/ ٧).