للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومحلُّ ﴿أَنْ عَبَّدْتَ﴾ الرَّفعُ عطفَ بيانٍ لـ (تلك)؛ أي: تعبيدك (١) لبني إسرائيل نعمةٌ تمنُّها عليَّ! كرَّ على امتنانِه عليه بالتَّربية فأبطلَه من أصلِه، وأبى أن (٢) يسمي نعمته إلَّا نقمة، حيثُ (٣) بيَّنَ أنَّ حقيقةَ إنعامِه عليه تعبيدُ بني إسرائيل؛ لأنَّ تعبيدهم وقصدهم بذبح أبنائهم هو السَّبب في حصوله عنده وتربيته، ولو تركهم لربَّاه (٤) أبواه، فكأنَّ فرعونَ امتنَّ على موسى بتعبيد قومه وإخراجه مِن حجر أبوَيْه إذا حُقِّقَتْ (٥).

وتعبيدُهم: تذليلُهم واتِّخاذُهم عبيداً.

ووحَّد الضمير في ﴿تَمُنُّهَا﴾ و ﴿عَبَّدْتَ﴾ وجمع في ﴿مِنْكُمْ﴾ و ﴿خِفْتُكُمْ﴾؛ لأنَّ الخوف والفرار لم يكونا منه وحده، ولكنَّه منه ومن ملئه المؤتمرين بقتله.

* * *

(٢٣) - ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.

﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ لَمَّا سمع جوابَ ما طَعن به فيه (٦)، ورأى أنَّه لم يَرْعَوِ بذلكَ، شرعَ في الاعتراض على دعواه، فبدأ بالاستفسار عن حقيقة المرسِل.


(١) في (ف) و (م): "والمعنى أن تعبيدك"، وفي (ك): "والمعنى أن تعبدك"، بدل: "أي تعبيدك".
(٢) في (ع): "والى" بدل "وأبى أن".
(٣) في (ك) و (م): "حين".
(٤) في (ف) و (م): "ولو تركه لربه".
(٥) قال الطيبي في "فتوح الغيب" (١١/ ٣٧): (قوله: (إذا حققت)؛ أي: إذا حققت التربية والمنة التي امتن بها فرعون على موسى كانت تعبيد بني إسرائيل نقمة لا نعمة، فهو من تعكيس الكلام، ويروى: (حقَّقْتَ) بفتح التاء؛ أي: إذا حققت النظر أيها المخاطب).
(٦) "فيه" من (ك) و (م) و (ي)، وسقطت "به" من (ي).