للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ﴾ الهداية لا يلزمها الاهتداء، دلَّ على ذلك قوله تعالى: ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧]، فلا جرمَ زيدَ قولُه:

﴿عَنْ ضَلَالَتِهِمْ﴾ حتى يكون المنفيُّ الهدايةَ المنجيةَ عن الضَّلالة، لا مُطلَقَ الهدايةِ؛ لأنَّها غيرُ ممتنعةٍ في حقِّ العُمي.

﴿إِنْ تُسْمِعُ﴾: ما يُجدي إسماعُك ﴿إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا﴾: إلَّا الذين يصدِّقون أنَّ القرآنَ كلامُ الله تعالى؛ إذ حينئذٍ يُثْبِتُ نبوَّته فتقْبَلُ قولَه، فيجدِي إسماعُه نفعًا.

﴿فَهُمْ مُسْلِمُونَ﴾: مخلِصون، من قوله: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١١٢]؛ أي: جعله سالمًا لله خالصًا له.

* * *

(٨٢) - ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾.

﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾ سمى معنى القول ومؤدَّاه - وهو ما وُعدوا مِن قِيامِ السَّاعة وعذابه - بالقول. ووقوعُه: حصولُه، والمراد: مشارفةُ السَّاعةِ وظهورُ أشراطِها.

﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً﴾ هي الجسَّاسة، في الحديث: "طولُها ستُّون ذراعًا، ولها أربعُ قوائم وزغبٌ وريشٌ وجناحان، لا يدركها طالبٌ، ولا يفوتها هاربٌ" (١).


(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٧/ ٢٢٢). ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٢٩٢٦)، لكن السائل والراوي عنده هو أبو داود نفيع الأعمى، وهو متروك. كما في "التقريب".