للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾؛ أي: وَسَطَه ومُعظَمَ نهجه، فجاءَه ملكٌ فانطلق معه إلى مدين.

* * *

(٢٣) - ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾:

﴿وَلَمَّا وَرَدَ﴾ وصل ﴿مَاءَ مَدْيَنَ﴾: ماءَهم الذي يستقون منه، وكان بئرًا.

﴿وَجَدَ عَلَيْهِ﴾ فوق شَفيرها ﴿أُمَّةً﴾: جماعةً كثيرة ﴿مِنَ النَّاسِ﴾ إنَّما قال: ﴿مِنَ النَّاسِ﴾ مع أنَّ السقي لا يكون إلَّا منهم؛ تنزيلًا لشأنهم، كأنَّه قيل: كانوا لئامًا لا يستحقُّون إلَّا التعبير باسم الجنس، بل هم في ذلك في درجةٍ احتاجوا إلى بيانِ كونهم من جنسِ الإنس.

﴿يَسْقُونَ﴾ مواشيَهم.

﴿وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ﴾: في مكانٍ أسفلَ مِن مكانهم.

﴿امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ﴾: تُطرَدان غنمهما (١) عن الماء؛ لعَجْزهما عن المزاحمة مع تلك الأمَّة، تركَ المفعول في ﴿يَسْقُونَ﴾ و ﴿تَذُودَانِ﴾؛ لأنَّ الغرضَ هو الفعلُ لا المفعولُ، إذ هو يكفي في البَعث على سؤال موسى ، وما زاد على المقصود يُعدُّ لُكْنةً وفضولًا، وأمَّا البعث على المرحمة، فليس هذا موضعه، فإنَّ له قولهما: ﴿لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾.


(١) تحرفت في النسخ إلى: "عنهما"، والصواب المثبت. انظر: "المحرر الوجيز" (٤/ ٢٨٣)، و"تفسير القرطبي" (١٦/ ٢٥٧)، و"تفسير النسفي" (٢/ ٦٣٦) والكلام منه.