للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ بغير واو (١)؛ لأنَّه قال جوابًا لمقالهم، ووجهُ العطف: أنَّ المرادَ حكايةُ القولين؛ ليوازن الناظر بينهما، فيختبرَ صحيحَهما من الفاسد.

﴿وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾: العاقبةُ المحمودةُ، فإنَّ المراد بالدار الدنيا، وعاقبتُها الأصليَّة هي الجنة؛ لأنها خُلقت مجازًا إلى الآخرة، والمقصود منها بالذات هو الثواب، والعقاب وإنَّما قصد بالعرض.

﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾: لا يفوزون بالهدى في الدنيا وحُسنِ العاقبة في العُقبى، والإتيان بصيغة الجمع للإيذان بأنَّ جمعَهم لا يُغني.

* * *

(٣٨) - ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾.

﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ نفى علمَه بإلهٍ غيرِه دون وجوده، إذ لم يكن عنده ما يقتضي الجزم به.

ولمَّا كان الظاهرُ مِن نفي العلم في مقامٍ يقتضي نفيَ الوجود على تقدير ثبوته عند اشتباه الحال، فرَّع عليه الأمرَ ببنائه الصرحَ ليَصعد عليه ويطَّلعَ على حقيقة الحال بقوله:

﴿فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ قيل: أوَّل مَن اتَّخذ الآجُرَّ فرعونُ، ولذلك أمر باتِّخاذه على وجهٍ يتضمَّن تعليم الصنعة مع ما فيه مِن تعظُّم، ولذلك نادى هامان باسمه بـ ﴿يا﴾ في وسط الكلام بما يُؤمَر به السُّوقة.


(١) قرأ بها ابن كثير. انظر: "التيسير" (ص: ١٧١).