للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ﴾ مبتدأ، ﴿الَّذِينَ﴾ صفةٌ له، و ﴿أَغْوَيْنَا﴾ صلة لـ ﴿الَّذِينَ﴾، والعائد محذوف تقديره: أغويناهم.

و ﴿أَغْوَيْنَاهُمْ﴾ خبرٌ المبتدأ، وتقيَّد بقوله: ﴿كَمَا غَوَيْنَا﴾ (١) فاستفيد مِن الخبر ما لم يُستفد مِن الصلة، والكاف في ﴿كَمَا غَوَيْنَا﴾ صفة مصدر محذوف تقديره: أغويناهم فغَوَوا غيًّا مثل ما غَوَينا، يَعنُون: أنَّا لم نَغْوَ إلا باختيارِنا، فهؤلاء كذلك غَوَوا باختيارهم؛ لأنَّ إغواءَنا لهم لم يكن إلَّا وسوسًة وتسويلًا، فلا فرقَ إذًا بين غيِّنا وغيِّهم، فإنَّ تسويلنا وإنْ كان داعيًا إلى الكفر، فقد كان في مقابَلته دعاء اللّهِ لهم إلى الإيمان؛ بما وضع فيهم مِن أدلَّة العقل، وما بعثَ إليهم مِن الرسل، وأنزل عليهم من الكتب، فهو كقوله: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ إلى قوله ﴿وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [إبراهيم: ٢٢].

ويجوز أن يكون ﴿هَؤُلَاءِ﴾ مبتدأً، و ﴿الَّذِينَ أَغْوَيْنَا﴾ خبر المبتدأ، و ﴿أَغْوَيْنَاهُمْ﴾ استئنافُ إخبار مقيَّدًا بقوله: ﴿غَوَيْنَا﴾.

﴿تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ﴾ منهم ممَّا اختاروا مِن الكفر ﴿مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ﴾ بل يعبدون أهواءَهم ويُطيعون شهواتهم، وإخلاء الجملتين مِن العاطف لكونهما مقدَّرتين بمعنى الجملة الأولى.

* * *

(٦٤) - ﴿وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ﴾.

﴿وَقِيْلَ﴾ للمشركين: ﴿ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ﴾؛ أي: آلهتكم لتخلِّصكم مِن العذاب.


(١) في النسخ: "كما أغوينا"، والصواب المثبت. وكلمة: "وتقيد" سقطت من (ف) و (ك) و (م)، ووقعت في (ع) و (ي): "ويقيد"، والمثبت هو الأنسب بسياق الكلام.