للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما يحسِّنه مِن الاهتمام بشأن الخبر؛ لكونه مَصَبَّ الإنكار، مُعارَضٌ بما يقبِّحه مِن إيهام أن يتركوا غير مختبرين لعلَّةٍ أخرى.

* * *

(٣) - ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾.

﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا﴾: اختبرْنا، وهو موصولٌ بـ ﴿أَحَسِبَ﴾ أو بـ ﴿لَا يُفْتَنُونَ﴾.

﴿الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ مِن الأمم بأنواعِ الفِتَنِ، والمعنى: إنَّ ذلك سُنَّةٌ قديمةٌ، جاريةٌ في الأزمانِ السَّالفةِ، فلا ينبغي أنْ يُتوقَّعَ خلافُها.

ويجوز أن يكون كقولِكَ: ألَا يُمْتَحنُ فلانٌ وقد (١) امتُحِنَ مَن هو خيرٌ منه؛ يعني: أنَّ بعضَ الأنبياء كزكريَّا ويحيى وجرجيس قد (٢) امتُحنوا وصَبروا.

﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ﴾ بالامتحانِ ﴿الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ في الإيمان ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ فيه.

وعلْمُ الله تعالى بالكائناتِ منزَّهٌ عن النِّسبةِ إلى الزَّمانِ وعمَّا يترتَّبُ عليها مِن التَّبدُّل والتَّغيُّر، فهو هنا كناية عن تحقُّقِ المعلوم قطعًا وظهورِه على وجهٍ أبلغ، فالمعنى: ولَيتميَّزَنَّ (٣) الصَّادقُ منهم مِن الكاذبِ.

قال ابن عطاء: يتبيَّنُ صدقُ العبد مِن كذبه في أوقاتِ الرَّخاءِ والبلاءِ، فمَن شكرَ في أيَّامِ الرَّخاءِ وصبرَ في أيَّام البلاء فهو مِن الصَّادقين، ومَن بطرَ في أيَّام الرَّخاء وجزعَ في أيَّام البلاء فهو من الكاذبين (٤).


(١) في (م): "قد".
(٢) في (ك): "وقد".
(٣) في (ك): "وليتميز"، وفي (ف) و (م): "وليتميز من".
(٤) انظر: "تفسير السلمي" (٢/ ١١٣).