للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٧) - ﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.

﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا﴾ الوثَنُ: ما يُعمَل من حجر أو طين.

﴿وَتَخْلُقُونَ﴾؛ أي: تَكذِبون، أو: تصنعون (١)، وقرئ: (تُخَلِّقونَ) (٢) مِن خَلَّقَ بمعنى التَّكثير في خَلَق.

﴿إِفْكًا﴾ وقرئ: (أَفِكًا) (٣)، وهو مصدر نحو كَذِب ولَعِب، والإفْكُ مخفَّفٌ عنه كالكِذْبِ واللِّعْبِ من أصلهما، واختلاقهم الإفْكَ بتسميتِهم الأوثانَ آلهةً وشركاءَ للّهِ.

﴿إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا﴾ استدلَّ أوَّلًا على شَرارَةِ ما هم عليه مِن حيثُ إنَّه زورٌ وباطل، ثمَّ استدلَّ عليه مِن حيثُ إنَّه لا يجدي بطائلٍ.

و ﴿رِزقًا﴾ يَحتمِل النَّصب على المصدر؛ أي: لا يستطيعون أنْ يرزقُوكم، وأنْ يُرادَ المرزوق، وتنكيرُ للتَّعميم.

﴿فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ﴾ لا عندَ الأسبابِ ﴿الرِّزْقَ﴾ كلَّه، إنَّما لم يقلْ: مِن اللّهِ؛ لعدمِ الدِّلالةِ (٤) فيه على الأمرِ بترك الاعتماد على الأسباب العاديَّة.

ثمَّ بيَّنَ طريقَ الطَّلبِ فقال: ﴿وَاعْبُدُوهُ﴾؛ أي: في كلِّ حالٍ ﴿وَاشْكُرُوا لَهُ﴾ لِمَا مَضَى (٥) مِن الإفضالِ، مستعدِّين للقائِه بها، فإنَّه:


(١) في (ي): "وتصنعون".
(٢) نسبت لعلي بن أبي طالب والسلمي. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١١٥).
(٣) نسبت لابن الزبير. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١١٥).
(٤) في (ف) و (ك) و (م): "دلالة".
(٥) في (ف): "لما ما من"، وفي (م): "بما مضى".