للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾؛ أي: كمَثَل العنكبوت فيما تتَّخذُه لنفسِها مِن بيتٍ؛ فإنَّ ذلك البيت لا يدفعُ عنها الحرَّ والبرد، ولا يقي ما تقي البيوتُ، فكذلك الأوثان لا تنفعُهم في الدُّنيا والآخرة.

ولا وجهَ لِمَا قيل في تفضيل (١) بيتها: بل ذلك أوهن، فإن لهذا حقيقةً وانتفاعًا مَّا (٢)؛ لأنَّ قضية التَّشبيه عكس هذا.

﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ﴾ مِن هنا ظهر أنَّ الغرضَ تشبيهُ ما اتَّخذوه مُتَّكَلًا ومعتمَدًا في دينهم بما هو مَثَلٌ عند النَّاسِ في الوهن والضَّعف، لا تشبيهُ ذواتِهم بالعنكبوت.

﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾: يرجعون إلى علمٍ لعَلِموا أنَّ هذا مَثَلُهم، أو أنَّ دينَهم أوهنُ مِن ذلك، ويجوز أنْ يُخرجَ الكلامُ بعد تشبيهِ دينهم ببيت العنكبوت مخرَجَ الاستعارة؛ فيُرادَ ببيتِ العنكبوتِ دينَ المشركين وعبادةَ الأوثان، فيكون استعارةً مصرِّحة تمثيليَّةً.

* * *

(٤٢) - ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ على إضمار القول؛ أي: قل للكفرة: إنَّ اللَّه يعلم.


(١) في هامش (ع) و (ف) و (ي): "موجب التفضيل أن يكون سائر البيوت دونه في الوهن فلا يجدي ما قيل في تفسيره: لا بيت أوهن منه. منه".
(٢) انظر: "تفسير البيضاوي" (٤/ ١٩٥).