للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾؛ أي: ما هي لسرعةِ زوالِها وعدمِ النَّفعِ في مآلها إلَّا كما يَلْهَى وَيلعبُ به الصِّبيان، ويجتمعون إليه، ويبتهجون به ساعةً، ثمَّ يتفرَّقون.

واللَّهْوُ: ما يتلذَّذُ به الإنسانُ فيلهيه ساعةً ثمَّ ينقضي.

﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾؛ أي: هي دارُ الحياةِ الحقيقيَّة، لعدمِ طَرَيان الموت عليها، أو كأنَّها في ذاتها حياةٌ؛ إذ ليس فيها إلَّا حياة مستمرَّة دائمة.

و ﴿الْحَيَوَانُ﴾: مصدرُ حَيِيَ، وقياسُه: حَيَيَان، فقُلِبَتِ الياء الثَّانية واوًا، ولم يقل: لهي الحياة؛ لِمَا في بناء فَعَلان من معنى الحركة والاضطراب، والحياةُ حركة والموتُ سكون، فمجيئه على بناءٍ دالٍّ على معنى الحركة مبالغةٌ في معنى الحياةِ.

ويوقف على ﴿الْحَيَوَانُ﴾ لأنَّ التَّقدير: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ حقيقةَ الدَّارَيْن لَمَا اختاروا اللَّهو الفانيَ على الحيوان الباقي، ولو وُصِلَ لصار وصفُ الحيوان معلَّقًا بشرطِ علمِهم ذلك، وليس كذلك.

* * *

(٦٥) - ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾.

﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ﴾ مُتَّصلٌ بما دلَّ عليه ما قبلَه مِن شرح حالِهم بطريق الإشارة، وليس هنا محذوفٌ؛ أي: هم على ما وُصِفوا به مِن الشِّرك والعناد، فإذا ركبوا في البحر ﴿دَعَوُا اللَّهَ﴾ في تلك الحالة.

﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ حقيقةً، حيث لا يَدْعون معه غيرَه؛ لعلمِهم بأنَّه لا يكشف الشَّدائدَ إلَّا هو، وهذا - أي: التَّوافق بين العلم والعمل - حقيقةُ الإخلاصِ، لا