للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٦٧) - ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾.

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾؛ أي: أهل مكَّة ﴿أَنَّا جَعَلْنَا﴾ بلدَهم ﴿حَرَمًا﴾: ممنوعًا مصونًا عن النَّهب والتَعدي ﴿آمِنًا﴾: يأمنُ داخلوه سواءٌ كان مِن أهلِه أو مِن غيرِهم مِن القتلِ والسَّبي.

﴿وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ يُختلسون قَتْلًا وسَبْيًا؛ إذ كانَتِ العربُ حولَه في تغاورٍ وتناهبٍ.

﴿أَفَبِالْبَاطِلِ﴾: أبعدَ هذه النِّعمةِ المكشوفةِ وغيرِها ممَّا لا يَقدرُ عليه إلا اللَّه، بالصَّنم أو الشَّيطانِ ﴿يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾ حيثُ أشركوا به غيرَه، وتقديم الصِّلتَيْن لمحافظةِ الفاصلةِ والاختصاصِ على طريق المبالغةِ.

* * *

(٦٨) - ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾.

﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ بأنْ جعلَ له شريكٌ، قائلينَ: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣] وهذا القولُ منهم باعتبار أنَّ التَّقرُّبَ لا يكون إلَّا بالطَّاعة في معنى القول بأنَّ تلك العبادةَ طاعةٌ أمروا بها، وهذا افتراءٌ منهم على اللَّه تعالى.

ثُمَّ إنَّ الافتراءَ نفسَه وإن كان لا يخلو عن كذبٍ لكنَّ المفتَرى قد يكون صادقًا، والمفتَرى هاهنا - وهو كون عبادة الأصنام طاعةً - لَمَّا كان كذبًا زادَ قولَه: ﴿كَذِبًا﴾ زيادةً (١) في تقبيحِ شأنِهم.


(١) "زيادة" سقط من (ك).