للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤٩) - ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾.

﴿وَإِنْ كَانُوا﴾ (إن) هي المخفَّفة مِن الثقيلة، واللام في ﴿لَمُبْلِسِينَ﴾ (١) هي الفارق بينها وبين النافية.

﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ﴾ المطرُ ﴿عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ﴾ تكرَّر للتأكيد كقوله: ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا﴾ [الحشر: ١٧]، وللدلالة على بُعْدِ عهدِهم بالمطر، واستِحكامِ يَأْسِهم، وتمادي إِبْلاسِهم؛ ليفيد مبالغةً في استبشارهم، فإنَّ الفرح بنزول المطر على قَدْر اغتمامِهم بانقطاعه، ويقوِّيه معنى التأكيد، واللامُ في: ﴿لَمُبْلِسِينَ﴾؛ أي: آيسينَ متحيِّرينَ مِن الغَمِّ منقبضينَ، وكذلك معنى السببية في:

(٥٠) - ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ﴾ مِن النبات والأشجار وأنواع الثمار وغير ذلك؛ أي: إذا كان كلُّ الاستبشارِ في نزولِه، وجُلُّ الغم في احتباسه، فانظر إلى آثار (٢) رحمته كيف هو واعْتَبِرْهُ، والضمير في ﴿فَانْظُرْ﴾ لكلِّ مخاطب.

﴿كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى﴾؛ أي: إنَّ ذلك القادرَ الذي يُحيي الأرضَ بعدَ موتِها، هو الذي يُحيي الناسَ بعد موتِهم، فهذا استدلالٌ بإحياء الموات على إحياء الأموات.

وفي ﴿إِنَّ﴾ واللام تأكيدٌ وتقويةٌ للدليل في مقابلة إنكارِهم، ثم قرَّره وقوَّاه بقوله:


(١) في (ف): "واللام من المبلسين".
(٢) في (ف): "فالنظر أثر".