للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: ﴿يَمُدُّهُ﴾ و (يُمده) (١) من مدَّ الدواة وأَمَدَّها.

وأغنى عن ذِكْرِ المِداد بقوله: ﴿يَمُدُّهُ﴾.

﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ اختارَ جمعَ القِلَّةِ على جمعِ الكثرةِ - وهي الكلِمُ - للإشعار بأنَّها لا تفي بالقليل منها فضلًا عن الكثير، والتَّقديرُ: ولو أنَّ أشجارَ الأرضِ كلَّها أقلامٌ، والبحر المحيط دواتُه، فجُعل البحرُ بمنزلة الدَّواة والأبحرُ السَّبعةُ مملوءة مدادًا تمدُّها أبدًا، وكُتِبَت بها كلماتُ اللهِ، ما نفدت كلمات الله ونفدت الأقلام والمداد؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي﴾ [الكهف: ١٠٩].

﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾: لا يعجزُهُ شيءٌ، ولا يخرج عن علمِه وحكمتِه أمرٌ، ومَن كانَ كذلك لا تَنْفَدُ كلماته وحِكَمُه.

عن ابن عباس : أنَّها نزلَتْ جوابًا لليهود لَمَّا قالوا: قد أوتينا التَّوراةَ وفيها كلُّ الحكمة (٢).


(١) الأولى قراءة الجمهور، والثانية نسبت لابن مسعود والحسن وابن مصرف وغيرهم. انظر: "المحتسب" (٢/ ١٦٩)، و"البحر" (١٧/ ٢٣٣).
وقد وقع في كلام المؤلف في تفسير هذه الآية اضطراب كثير كما أشير إليه في هامش (ي)، ويوضحه بل ويغني عنه ما جاء في "الكشاف" (٣/ ٥٠٠ - ٥٠١)، و"تفسير البيضاوي" (٤/ ٢١٦). كما أن في "البحر" (١٧/ ٢٤٢)، و"روح المعاني" (٢١/ ٨١) مناقشات حسنة وتفصيل وبيان.
(٢) رواه مطولًا الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٥٧٢ - ٥٧٣). وهذا الخبر يدل على أن الآية مدنية، ومن قال: إنها مكية، علله بأن اليهود أمروا وفد قريش أن يسألوا عنه النبي ، وهو ما سيأتي بعده. انظر: "روح المعاني" (٢١/ ٨٧).