للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤) - ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾.

﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ﴾ تنكيرُه وزيادة ﴿مِنْ﴾ في قول: ﴿مِنْ قَلْبَيْنِ﴾ بعدَ النَّفي؛ للتَّعميم والاستغراق؛ أي: ما جعلَ اللهُ لفردٍ واحدٍ مِن جملة الرِّجالِ فضلًا عن الصِّبيان والنُّسوان قَلْبَين ألبتَّة بوجهٍ من الوجوهِ.

و ﴿فِي جَوْفِهِ﴾ تأكيدٌ (١)، وزيادةُ تصويرٍ للسَّامعِ ليكونَ إذا سمع تصوير جوف إنسانٍ مشتملًا على قلبَيْن، فيكون أسرعَ إلى الإنكار.

﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾ ما جعل الزَّوجيَّة والأموميَّة في أنثى ولا الدَّعوة والبنوَّة في ذَكَرٍ، جَعَلَ نَفْيَ اجتماعِ القلبَيْن في جوفٍ أصلًا لانتفاءِ (٢) الاجتماعَيْن الآخرَيْن.

وذلكَ أنَّ العربَ تزعمُ أنَّ اللَّبيبَ له قلبان، ولذلك قيل لأبي مَعمر جميل بن أسد الفهري: ذو القَلْبَين، وكانَ رجلًا من أحفظ العرب وأرواهم، وكان يقول: إن لي قلبَيْن؛ أفهم بأحدهما أكثر ممَّا يفهم محمَّد، فأكذب الله تعالى قوله وقولهم (٣).

وضربه مثلًا في الظِّهار والتَّبني، فإنَّهم كانوا يقولون: المرأة المظاهَر عنها أمّ، ودَعِيُّ الرَّجلِ ابنُه.


(١) في (م): "توكيد".
(٢) في (ف) و (ي) و (ع): "لانتفاع".
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" (٨/ ٦). وروى نحوه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٧ - ٨) عن ابن عباس وقتادة وعكرمة بإبهام اسم الرجل.