للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المذكورَيْن بالكليَّة؛ إذْ لا بُدَّ لكلِّ شخصٍ مِن حَتْفِ أنفٍ أو قتلٍ في وقتٍ، لا لأنَّه سبق به القضاء لأنَّه تابع للمقضيِّ (١) فلا يكون باعثًا له، بل لأنَّه مقتضَى ترتُّب الأسباب والمسبَّبات بحسب العادة على مقتضى الحكمة، فلا دلالة فيه على أنَّ الفِرارَ لا يغني شيئًا حتى يُشْكِلَ هذا بالنَّهي الواقع في الكتاب عن إلقاءِ النَّفسِ بالتَّهلُكة وبالأمرِ الواقِع في السُّنَّةِ بالفرار عن المضارِّ، كيف وقد دلَّ (٢) قولُه:

﴿وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ على أنَّ في الفرارِ نفعًا (٣) في الجملةِ؛ إذِ المعنى: لا تمتَّعون على تقديرِ الفرار إلَّا مَتاعًا قليلًا أو زمانًا قليلًا (٤).

وعن بعض المروانيَّة: أنَّه مرَّ بحائط مائل فأسرع، فتليت له هذه الآية، فقال: ذلك القليلَ نطلب (٥).

* * *

(١٧) - ﴿قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾.

﴿قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ﴾؛ أي: ممَّا أرادَ اللهُ إنزالَه بكم ﴿اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ


(١) في هامش (ف) و (ي): "لأنَّه تابع للإرادة التابعة للعلم التابع للمعلوم وهو المقتضى. منه ".
(٢) في (م) زيادة: "في".
(٣) في (ع) و (ي): "نفع"، والمثبت من باقي النسخ.
(٤) انظر: "حاشية الشهاب" (٧/ ١٦٤)، و"روح المعاني" (٢١/ ٢٢٤). وقد عزاه الآلوسي لبعض الأجلة، وبينما أطال الشهاب في تعقبه، اقتصر الآلوسي على القول: (وفيه ما فيه، فتأمل).
(٥) انظر: "الكشاف" (٣/ ٥٢٩). وسماه ابن عبد ربه في "العقد" (٣/ ١٥٢): الوليد بن عبد الملك.