للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّ ذَلِكُمْ﴾ اللَّبثَ ﴿كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ﴾ لتضييق (١) المنزل عليه وأهله، وإشغاله فيما لا يعنيه.

﴿فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ﴾ تعليل لمحذوفٍ دلَّ عليه المساق؛ أي: ولا يخرجكم فيستحيي منكم، ولذلك صدَّره بأداة التَّعليل، ولو كان المعنى: يستحيي من إخراجكم، لكان حقَّه أن يُصدَّر بالواو العاطفة (٢).

﴿وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾ لَمَّا كان الحياءُ يمنعُ الحييَّ مِن بعضِ أفعالِه وأقوالِه - وإنْ كان حقًّا - قيلَ: إنَّ اللّهَ لا يستحيي من الحقِّ؛ أي: لا يمتنعُ منه (٣) امتناع الحييِّ، وهو مجازٌ، أو على طريقة قوله:

قلت اطبخوا لي جُبَّةً وقميصًا (٤)

يعني: إخراجُكم حقٌّ (٥)، فينبغي أنْ لا يترك حياءً، كما لم يتركْهُ اللّهُ تعالى فأمرَكُم بالخروجِ.


(١) في (ع): "لتضيق"، وفي (م): "لضيق".
(٢) نقله عنه الآلوسي في "روح المعاني" (٢١/ ٤٢٤)، ثم تعقب ما ذهب إليه المؤلف من التَّقديرُ بقوله: وفيه أَنَّهُ بعد تسليم ما ذكر على تقدير المضاف.
(٣) في (ف) و (ي) و (ع): "يمتنع من".
(٤) عجز بيت نسب لجحظة في "جمهرة الأمثال" (١/ ٢٢٧)، ولأبي حامد محمد بن محمد في "لباب الآداب" للثعالبي (ص: ١٩٥)، وصدره:
قالوا اقترح لونًا نجيد طبيخه
والشاهد فيه أنه وضع (اطبخوا) موضع (خيطوا) لمجرد مراعاة اللفظ دون المعنى.
(٥) في (ف): "أن إخراجكم حقًّا".