وعلى الثاني؛ تعليلٌ للإرسال والإنذار؛ أي: إنَّك لمن المرسلين لتُنذرَهم؛ فإنَّهم غافلون.
والمراد بآبائهم: الأقربونَ الذين في زمنِ الفترة والجاهلية إنْ حُمل ﴿مَا أُنْذِرَ﴾ على النفي، والأقدمونَ مِن وَلَدِ إسماعيَل ﵇ الذين كانت فيهم النذارةُ إنْ حُمل على الإثبات.
﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ﴾؛ أي: ثَبَتَ وَوَجبَ عليهم فهم لا يؤمنون، لمَّا علم مِن أعيانهم أنَّهم يموتون على الكفر باختيارهم إيَّاه وإصرارِهم عليه، فشاءَ منهم ذلك وأخبر عنهم به، وأمَّا قوله تعالى: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣] فلا يعيِّن الأشخاصَ، ولا يقتضي أن يكون ذلك أكثرَ المذكورين.
﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا﴾ مثَّل تصميمَهم على الكفر وعدمَ مبالاتهم بالإنذار وتدبُّرِهم بالآياتِ تمثيلين؛ تقريراً لتصميمِهم على الكفر وعدمِ إرعوائهم عنه؛ جعلهم كالمغلولين المُقمَحِين في أنَّهم لا يلتفتون إلى الحقِّ، ولا يَعطفون أعناقَهم نحوَه، ولا يُطأطئون رؤوسَهم، وجعلهم كالمحصورينَ المحبوسينَ بين سدَّين لا يُبصرون ما قدَّامهم ولا ما خَلْفهم، فلا يتبصَّرون العِبَر، ولا يتأمَّلون في آياتِ الله تعالى فيَعتبروا ويَنزجروا.