للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فصلت: ٢١] فلا مساغَ للتأويل بظهورِ آثارِ المعاصي عليهم ودلالتها على أفعالها.

﴿وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ﴾ أسندَ الختمَ إلى نفسِه دونَ الكلامِ والشهادةِ، دفعاً لوهم الإجبارِ، وإظهاراً لتوسُّط الاختيارِ بعد الإقدارِ على النطق والتكلُّم، ولمَّا كان كلامُ الأيدي إقراراً على الغيرِ المُنكِر، نُزِّل تصديقُ الأرجلِ إيَّاها منزلةَ الشهادةِ، فعبِّر عن تكلُّمها بالشهادة.

﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ إذ الكسبُ باليدِ أخصُّ، فيكون الإخبارُ منها إقراراً، ومن الرجل (١) شهادةً؛ لأنَّها تحاضر وقلما تباشر، ولهذا خصَّ التكلُّم بمعنى الإقرار بالأيدي، والشهادة بالأرجل.

* * *

(٦٦) - ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾.

﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ الطَّمْسُ: محوُ الشيءِ حتى يذهبَ أثَره، والطَّمْسُ على العينِ تَعَفيةُ شقتها (٢) حتى تعودَ ممسوحةً.

﴿فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ﴾: فطلبوا الطريقَ الذي اعتادوا سلوكَه سابقينَ، وإنَّما اعتبرَ قيد السبقُ على طريقةِ التضمين؛ لأنَّ التعذُّرَ في سلوك الأعمى الطريقَ حينئذٍ أظهرُ.

ويجوز أن يكون مِن باب حذف الجارِّ وإيصال الفعل؛ أي: فاستبقوا إلى الصراطٍ، أو نصباً على الظرف.


(١) في (ف): "الأرجل".
(٢) في (ف) و (ك): "تعفيتها"، والمثبت من باقي النسخ، وفي "الكشاف" (٤/ ٢٤): الطمس: تعفية شق العين حتى تعود ممسوحة.