للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأن الله تعالى وعده الهدايةَ، فبنَى الأمر على وعده لقوةِ يقينه، أو بناءً (١) على عادة الله تعالى معه (٢) في هدايته وإرشاده، لقوة توكُله وتفويضِه الأمر إليه تعالى، ولم يبنه على الرجاء كما بنى موسى حيث قال: ﴿عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص: ٢٢]، لأنَّه كان في أمر الدنيا لا في أمر الدِّين، فلا دلالة فيه على قصور موسى في ذلك الباب، والله أعلم بالصواب.

(١٠٠) - ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾؛ أي: بعضَ الصالحين أَستأنِسُ به في الغُربة، وتَنفرجُ به عني الكربة، أراد به الولدَ؛ لأن الهبة غالبةٌ فيه وإن جاءت في الأخ أيضًا كما في قوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا﴾ [مريم: ٥٣]، على أن الموهوب فيه نبوَّةُ هارون لا نفسُه ، وأما البشارة بالغلام فلا تدل على إرادة الولد بخصوصه.

(١٠١) - ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾.

﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ الفاء لترتُبه على ﴿هَبْ لِي﴾ كقوله تعالى: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ [الأنبياء: ٧٦]، ولا كلمةَ أقلَّ لفظًا وأكثر معنًى من هذه؛ لاحتوائها على البشارة، وأنَّه ذَكَر، وأنَّه يبلغ (٣) أَوَانَ الحُلْم (٤) .........


(١) في (م): "بناه".
(٢) في (ي): "منه"، وليست في (ف) و (ك).
(٣) في (م): "بليغ".
(٤) قوله: "يبلغ أوان الحلم" بضمّ فسكون؛ أي: البلوغ بالسن المعروف، فإنه لازم لوصفه بالحليم؛ لأنَّه=